JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
recent
عاجل
الصفحة الرئيسية

عظمة الخالق في كون يسوده الصراع بين شر البشر وتسخير القدر

 

بقلم : صبري الهلالي
مقدمة:
تتوالى في أذهان كل ذي عقل وقلب أسئلة حارقة حين يشهد ويلات الحروب وسفك الدماء ويتأمل آلات الدمار التي تفني البشر وتحيل العمران إلى أطلال يتساءل المرء من ذا الذي يبتكر سلاحًا يفني أمة ويمحو مدينة أي قلبٍ ذاك الذي يطوع علمه لهدم بني جنسه وهل هؤلاء من جنس البشر وأين موقع هذا كله من قدرة الله وعلمه ومشيئته
إن الإجابة عن تلك التساؤلات لا تكمن في ضيق أفقٍ يظن أن البشر قد فلتوا من سلطان الله بل في إدراك عميق لحقيقة الكون وميزان الابتلاء الذي قامت عليه السماوات والأرض فالإنسان بما أوتي من عقل وموهبة وإرادة هو مخلوق لله خلقه ووهبه ما وهب وأعطاه حرية يختبر بها ما في قلبه وعقله فمنهم من سخر علمه للخير فابتكر الدواء وأقام المشافي وشيد المدارس وبنى المصانع وعمّر الأرض ومنهم من غوى فسخر أدوات الخلق للهدم وبدد نعم الله في صناعة الموت
إن ما يصنعه الإنسان من قنابل فتاكة وصواريخ هدامة ليست من فراغ بل من مكونات أخرجها الله من باطن الأرض فالمعادن والنفط واليورانيوم والمركبات الكيميائية كلها من خيرات الأرض التي بثها الله فيها لحكمة ومن عجيب المشهد أن هذه الصواريخ حين تنطلق لا تمضي في فراغٍ مستقل بل تشق طريقها في جو الله وتحملها ذرات هوائه وتقطع الفضاء الذي خلقه وقدّره ومساره ضمن ملكه وسلطانه فحتى أدوات الهدم تسير في فضاء إلهي لا يخرج عن أمره ولا عن علمه
العقل الذي يصمم أدوات الدمار واليد التي تبنيها والمواد التي تتشكل منها وحتى المسار الذي تسلكه في الجو ما هو إلا طوع لمشيئة الله في أصل وجوده وتسخيره
قال تعالى
﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ فصلت 11
فما في السماوات وما في الأرض وما يسير بينهما لا يخرج عن حكمه ولا عن قدره ولا عن علمه وإن غفل الظالمون
- الحكمة الإلهية بين الخير والشر
قد يخيل إلى البعض أن وقوع الشر في الكون مع عظمة الله يتناقض مع عدله ورحمته لكن ذلك ظن العاجز عن إدراك حكمة الخالق فالله تعالى خلق هذا الكون على سنة الاختبار وجعل فيه ثنائية الخير والشر الحق والباطل العدل والظلم لينكشف كل امرئ بما أراد واختار
قال تعالى
﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ الأنبياء 35
والشر ليس خلقًا مقصودًا لذاته من الله ليعذب به عباده معاذ الله بل هو نتاج سوء اختيار الإنسان وانحراف إرادته عن جادة الصواب فاليد التي يمكن أن تبني مستشفى يمكن أن تحمل سلاحًا والعقل الذي يبتكر علاجًا لمرض قاتل قد يستخدمه آخر لصناعة قنبلة قاتلة وهنا تكمن مسؤولية الإنسان الكاملة أن يكون ما وهبه الله من علم وقوة في طاعة ربه وإعمار أرضه لا في خرابها
- كل شيء في مقدور الله
وعندما نؤمن أن كل شيء بمقدور الله فلا يعني ذلك أن الله يرضى بالظلم أو يأمر بالفساد بل معناه أن لا شيء يقع في هذا الكون إلا بعلمه وتقديره لحكمة قد يعلمها البعض ويغيب كنهها عن الأكثرين
قال تعالى
﴿وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾ الأنعام 59
وما يصنعه الإنسان من آلات خير أو أدوات شر هو في مقدور الله وضمن ملكه وإن غفل بعض الخلق عن هذه الحقيقة فحتى الشرور في ميزان الله قد تكون رحمة مستترة توقظ الغافلين وتردع المتجبرين وتنبت في القلوب حكمة الرضا وقيمة العدل وأهمية الخير
- عظمة الله في التسخير والتدبير
عظمة الخالق تتجلى في كونه وحده القادر على تسخير كل شيء في هذا الكون لطاعته حتى السماء والأرض حين أمرهما أتيتا طوعًا وامتثالًا
قال تعالى
﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ فصلت 11
وإن ما يبتكره البشر من خير أو شر هو في أصله مما سخره الله لهم وعلمهم إياه فالعقل الذي يصمم أجهزة تشخيص الأمراض واليد التي تبني مدارس العلم والمصانع التي تدار للحياة لا للموت كلها في قبضته سبحانه وكل من فعل خيرًا فلنفسه ومن أساء فعليها والله محيط بالخلق أجمعين
- الخاتمة:
إن الإيمان بأن كل شيء بقدر الله ومشيئته هو يقين يمنح النفس سكينة ويدفع الإنسان لتحمل مسؤولية اختياراته ويغرس في قلبه أن القوة ليست في يد من يظن نفسه قادرًا بسلاحه أو ماله أو علمه بل في يد من خلقه وسخره وفي أي لحظة قادر أن يقول للشيء كن فيكون
فهل آن لنا أن ندرك أن القوة المطلقة بيد الخالق وأن أعظم ما يُبتغى في هذا الكون هو الرضا بمشيئته والعمل بما يرضيه واستخدام ما وهبنا من أدوات الحياة في الخير لا الشر في البناء لا الهدم في الرحمة لا الفساد
كل التفاعلات:
أنت وحسين هيكل
عظمة الخالق في كون يسوده الصراع بين شر البشر وتسخير القدر

عبدالعظيم زاهر

تعليقات
    ليست هناك تعليقات
    إرسال تعليق
      الاسمبريد إلكترونيرسالة