JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
recent
عاجل
Accueil

• التعاطف الانتقائي في المشهد الدولي

.



الأديبة والمفكرة الدكتورة حكيمة جعدوني.

قراءة في المشهد الدولي الراهن.

أعاد حادث إطلاق النار الذي استهدف محتفلين بعيد الأنوار اليهودي بسيدني فتح النقاش حول منطق العنف الأعمى، وحدود استثماره سياسيا، وكيف توظّف المآسي الإنسانية داخل خطاب دولي انتقائي في التعاطف والإدانة.


الإشكال الأعمق يكمن في الطريقة التي يتعامل بها النظام الدولي مع الضحايا: ضحايا يمنحون تعاطفا مطلقا، وضحايا يختزلون في أرقام أو يطلب من عائلاتهم التزام الصمت باسم “الواقعية السياسية”.


لماذا العالم كلّه عليه أن يدعم اسرائيل واليهود لا تدعم أي دولة؟ لماذا يطالب العالم بتعبئة سياسية وإعلامية كاملة عند وقوع حادث يطال شعب اليهود، بينما تقابل مآس أخرى بالتجاهل أو التبرير أو التجاهل الممنهج؟


المسيح الحق، كان يقول:

"يَا أَوْلاَدَ الأَفَاعِي! كَيْفَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَتَكَلَّمُوا بِالصَّالِحَاتِ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ؟ فَإِنَّهُ مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْب يَتَكَلَّمُ الْفَمُ." (مت 12: 34).


"أيها الحيات أولاد الأفاعي، كيف تهربون من دينونة جهنم؟ (مت 33).


هذه الأفاعي أنواعها كثيرة، فمنها البيضاء والسوداء، وهي منتشرة في جميع أنحاء العالم. تختلف خصائص جلدها من أفعى إلى أخرى. وأخطر ما في سلوك هذه الأفاعي أنها تلدغ من يمد لها يد العون؛ فكل من يحاول مساعدة الأفعى تلسعه أولا، وأقرب الناس إليها يكون أول من يتلقى أذاها. وخلاصة الأمر: الناجي الوحيد من الأفاعي هو من يبتعد عنها ويحذرها.


تُفضّل الأفعى الجحور والاختباء والسبات، وأن تبقى متفرّجة من بعيد، تراقب ضحيّتها. تحبّ الأشياء السامّة وخداع الطيور. كلّما غادر مخلوق بيته، فليعلم أنّ الأفعى ستذهب إلى بيته وتخلّفه فيه. هذا ما تفعله الأفاعي.


الأفاعي لا تصدر صوتا، وطبعها الحركة في الخفاء؛ فهي تتحرّك خفية ولا تحدث أيّ صوت، وحين تتحرّك تكون النتيجة قاتلة في الغالب. وهذا ما يفسّر الاغتيالات والجرائم والقضايا الغريبة والمجهولة في أنحاء العالم، التي تقف الأفاعي خلفها.


الأفاعي تقتل صغار الطيور والأرانب؛ فكل كائن له صغير يجب أن يخشى عليه من الأفعى. وهذا ما نراه في قضايا العالم: الأطفال الذين يختطفون حول العالم، من يختطفهم؟ إنّهم الأفاعي. يتربّصون بالضعفاء، يتركون الكبار ويتجهون إلى الصغار ليقتاتون عليهم، فهم يستقوون على من لا يقوى على الدفاع عن نفسه.


هجوم الأفاعي غالبا ما يتم في مجموعات؛ فهم يهاجمون كتلة واحدة. ولا يحبّون بعضهم بعضا في الأصل، لكنهم يتوحّدون حين يكون الهدف واحدا. وبعد الإمساك بالفريسة، يمزّقونها ويقتسمون الغنيمة، ثم يتفرّقون من جديد.

 يحبّون الصيد السهل؛ وهذا ما نراه في هجومهم على الدول، إذ يهجمون جماعة ولا يجتمعون إلّا عند تقسيم الغنيمة.


الأفاعي يستقوون على الضعيف، ومن تغلبهم هي الأفعى الكبرى، فينحنون لها احتراما. وهذا ما يفعلونه مع الدول الكبرى؛ فهم لا يتجرّؤون عليها.


،؛، عليك أن تستخدم القوّة معها؛ فإذا اخترت السلام ستلدغك. ،؛، 


ما تفعله الأفاعي هو التزاوج فيما بينها؛ تتكاثر من نفسها. فكلّ أفعى تتّخذ لنفسها بيتا وتبقى فيه، وحين تفتح الجحور يعثر عليهم مندمجين بعضهم ببعض، ملتفّين حول الجسد، ومن العائلة نفسها. وهذا ما يحدث على أرض الواقع؛ إذ نجد لديهم زنا المحارم، يتزوّجون فيما بينهم: من عمّاتهم وخالاتهم، ومن بناتهم وأخواتهم. هكذا يتكاثرون كما تتكاثر الأفاعي؛ فالأفعى الأم تبقى في جحرها، وحين يكبر صغارها يتكاثرون فيما بينهم، ونادرا ما يتفرّقون.


تغيّر الأفاعي جلدها ابتغاء الحظّ؛ فالأفاعي لديها معتقدات، ويعدّ تغيير الجلد طقوسا شيطانية تمارس في العالم، هدفها جلب الحظّ لأنفسهم دون غيرهم.


للأفاعي نظرات حادّة سامّة؛ فحين تحسد الأفعى، تسلب بنظراتها طاقة ممّن يقف أمامها دون أن تبذل أيّ مجهود. الأفاعي بطبيعتها مراوغة وماكرة؛ تحسد وتمكر وتراوغ وتتحايل بكلّ الطرق المشبوهة والسيّئة للحصول على ما لدى الدول من ثروات. وحين تشرب الأفاعي الماء، تزيل سمّها لتتمكّن من الشرب ثم تسترجعه؛ وكذلك يفعلون. ومن المعروف عنهم الإفساد في الأرض؛ فهم يلوّثون التراب والماء، وكلّ الملوّثات التي حدثت في العالم على مرّ العصور كانوا وراءها، يبثّون السموم في كلّ مكان توجّهوا إليه.


المعروف عن الأفاعي أنّها لا تملك أيديا ولا أرجل؛ وهذا يقصد به أنّ هؤلاء الأفاعي لا يعملون ولا يبذلون مجهودا. وما يجنونه هو نتيجة السرقات: سرقة كتب الشعوب وعلومهم، واختلاس الأراضي، والتلاعب والحيل. ولك أن تتصوّر شخصية تعتمد كليا على الغير؛ من الطبيعي أن تعيش على الاختلاس. وهذا ما يفسّر نهبهم للممتلكات والبنوك، واقتصاد الدول، والاستحواذ على اكتشافات المخترعين والعباقرة.


المعروف عن الأفعى أنّها تختبئ من الجميع، ولا تظهر إلّا في أماكن محدّدة، والسبب هو الخوف. لذلك نجدهم يعيشون خوفا شديدا؛ فيبنون الملاجئ ويحفرون الأنفاق. ومن هنا تنبع ضرورة إبقائهم في حالة خوف دائم؛ فهذا هو النهج الأمثل للتعامل معهم.


الهجوم الذي وقع في أستراليا مؤخرا، والمتمثّل في حادث إطلاق نار على محتفلين بعيد الأنوار في شاطئ بونداي بسيدني، وأسفر عن سقوط عشرات القتلى من اليهود، أثار تساؤلات واسعة حول دوافعه. لماذا فعلوا ذلك؟


إنّ ما جرى كان مدبّرا من داخل المنظمة نفسها، بهدف إيصال رسالة مفادها أنّه لا يوجد مكان آمن خارج إسرائيل.

فإنّ المنظمة بقتلها لليهود تسعى إلى ترسيخ شعور عام بانعدام الأمان في بلدان مختلفة من العالم، لدفع من غادروا إسرائيل إلى العودة إليها، باعتبارها "المنطقة الآمنة الوحيدة"، وبما يضمن بقاءها عامرة سكانيا. ويربط ذلك بأهداف سياسية أوسع، من بينها السعي إلى تحقيق مشروع "إسرائيل الكبرى".


من سيعمر هذه الأرض؟ إنّ تركها خاوية، بعد سلبها من سكانها الأصليين ومن أبنائها، سيعرّض المشروع برمّته للسخرية والنقد العالمي. وفي هذا السياق، هذه المنظمة تقوم بتغذية خطاب الكراهية وبثّ مواد إعلامية مثيرة للخوف، بما يدفع المجتمعات إلى النفور منهم ونبذهم، ويؤدي في النهاية إلى تضييق الخيارات أمام اليهود المهاجرين ودفعهم للعودة إلى إسرائيل.


وتخلص هذه الفكرة إلى أنّ هذا التحريض يستخدم لتلقين الأجيال الصاعدة لليهود فكرة مفادها أنّ "العالم يكرهكم"، وأنّ البقاء في فلسطين هو الخيار الأكثر أمانا.


الأفاعي إذا جاعت أو تضخّمت أكلت من نفسها. ووفق هذه الحقيقة، فالأفاعي قد تؤول في النهاية إلى إفناء ذاتها بذاتها، وهو ما نراه منعكسا في مخطّطاتهم نفسها. وتستحضر هنا صورة أفعى تلتفّ حول نجمة داوود وتأكل ذيلها، بوصفها نبوءة رمزية مفادها: إذا كبرت الأفعى التهمت نفسها. وبالقياس على ذلك، نطرح قراءة تقول إنّ مشروع "إسرائيل الكبرى"، إذا تحقّق وبلغ أقصى طموحاته، قد ينقلب على ذاته؛ فيبدأ بالتآكل من الداخل. ووفق هذا المنظور، فإنّ تدمير هذه "الأفعى" لا يأتي من قوّة خارجية، ولكن يحدث بفعل صراعاتها الداخلية، حيث يفني بعضها بعضا.


،؛، دع الحسود وما يكابده، فالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله.،؛،.


تعتمد الأفعى لإسقاط ضحيّتها على الإغراء؛ تهزّ رأسها يمينا وشمالا، وتحرّك ذيلها في حركة لافتة، لتستدرج قبل أن تنقضّ. ومن هذا المنظور، فإنّ الرجل والمرأة منهم بارعان في الإغراء؛ حتى إنّه قادر على أن يبيعك نفسه وزوجته. يغريك بالمال، ويغريك بالجمال، ويغريك بالنفوذ، وبالوعود والأفكار، وبزخرف الحديث للحصول على ما يريد. وهذا ما يبرع فيه أولاد الأفاعي؛ فالإغراء متأصّل لديهم. وكلّ إغراءاتهم كاذبة، فهي مجرّد إستدراج لا غير.


تبرع الأفعى في الخيانة؛ فهي تترك زوجها في الجحر يرعى صغارها، وتذهب إلى أفاعي أخرى. وهذا معروف عن أولاد الأفاعي؛ فالخيانة متجذّرة في طبيعتهم، لا يحفظون الأوطان ولا المواثيق، ويختلطون بلا وفاء.


فلك أن تتصوّر أنّه عند وقوع أيّ أزمات أو اضطراب، يكونون مستعدّين للتخلّي عن أوطانهم ومغادرتها وهي في حالة فوضى أو حرب، ثمّ العودة إليها بعد الاستقرار والمطالبة بالممتلكات. ويستشهد في هذا السياق بما حدث في الدول العربية إبّان السيطرة العثمانية، حيث غادر اليهود البلاد، ثم عادوا بعد الاستقلال مطالبين بممتلكاتهم، اعتمادا على قناعة مفادها أنّ الحروب سوف تنتهي يوما ما. وكذلك يشار إلى ما جرى في سوريا خلال سنوات الحرب، إذ غادروا البلاد، ثم عادوا بعد تغيّر الأوضاع مطالبين بالثروات والمنازل والأراضي. ويرى هذا الطرح أنّ الأحقّ بتلك الممتلكات هم أبناء من بقوا وصمدوا، ومن ضحّوا ودافعوا عنها، ومن اعتصموا ورابطوا فيها ولم يتركوها في أحلك الظروف، لا من غادروها وتخلّوا عنها. فالذي يخون الوطن ويهرب منه، عليه أن يقتل وتنتزع منه الثروات. كان على الحاكم الحالي أن يقول لهم: هذه الثروات من حق من بقي في الأرض ودافع عنها ويبحث عن أولياء الشهداء وأولادهم ويوزع عليهم تلك الثروات.

وبناء على هذا التصوّر، يفترض أن تعاد دراسة الملكيات في سياق العدالة التاريخية، بحيث تعطى الأولوية لمن تحمّلوا تبعات الحرب، ولعائلات الضحايا، ولمن حافظوا على الأرض ودافعوا عنها، لا لمن عادوا بعد زوال الخطر للمطالبة بالمكاسب.


المعروف عن الأفعى أنّها تقضي فترة سبات؛ وبالمعنى الرمزي، يفهم من ذلك أنّه أثناء الضرورة والمواقف، حين تكون البلاد بأمسّ الحاجة إلى أبنائها ومن يساندها، يختفي أولاد الأفاعي ويختبئون في لحظات الشدّة. وحين تنقضي الأزمات ويحلّ الاستقرار، يخرجون مجددا، فيظهرون في مواسم الرخاء فقط، للّعب والسياحة وجني الثمار.


قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا ۖ فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُون 


الأفعى هي الحيوان الوحيد من الزواحف الذي طرد من الجنة وبالتالي فإنّ أولاد الأفاعي لن يدخلوا الجنّة أبدا، باعتبار أنّ طردها يعكس انفصالها عن النعمة والفضيلة، وما تمثّله من مكر وخداع في سياق النصوص الدينية.


،؛، إذا درستم طبيعة الأفعى، ستفهمون عقلية أولاد الأفاعي.،؛،

NomE-mailMessage