من كتاب تأويل الأحرف في القرآن الكريم.
1. إن عالم القوقعة والذي هو الأرض التي نحن عليها، يخضع لظروف خاصة به، تختلف كليّا عن باقي العوالم الأخرى، ثم إن هذا الأخير تمدّد من لحظة انطلاق التخليق إلى لحظة اكتماله وهذا يعني النهاية الأكيدة: التقلّص والإنكماش داخليا والانتفاخ خارجيا لعالم القوقعة يجعله يتلاشى من بين الأكوان.
2. إذا لاحظنا بداية تشكّل الأعاصير من السماء نحو الأرض، تلك الفوهة الضخمة في الأعلى وكيف تختنق بإستمرار نحو الأرض إلى نقطة الالتقاء في دوران دائم، كذلك تمدّد الزمن وكذلك تقلّصت الكتلة وكذلك المسافة بين انطلاق التخليق واكتماله.
3. خارج عالم القوقعة الأرض يظهر الكون الخاص بها كما إعصار يتلاشى بعد أن كان قد تشكّل.
قال تعالى :
{وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} [يس : 78، 79].
4. لما تكون في خضمّ الأحداث تتأثر كليّا بظرورف عالم القوقعة الأرض، ولكن لما تتجاوز كل ذلك نحو عالم الحقيقة تتأثر بظرورف عالم الحقيقة البعيدة كليا عن عالم التجربة الأرض وهكذا يمكنك رؤية كل شيء.
بسم الله الرحمن الرحيم
أَو كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وهِيَ خَاويَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوتِهَا ۖ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَومًا أَوبَعْضَ يَومٍ ۖ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ۖ وانظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ ولِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ ۖ وانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿ سورة البقرة 259﴾
5. حين تسائل العبد عن تلك القرية الخاوية من المخلوقات: هل يمكن أن يعيدها الله إلى ما كانت عليه من حياة،
فجعله الله يموت هو مائة سنة وتلاشى طعامه وشرابه وبقية عظام باليه منه ثم أعاده للحياة هو دونهما،
وقال له يخاطبه أنظر بعين نفسك
كيف أعيد الماء والطعام خاصتك في لحظة، كذلك فعلت بك وكذلك أفعل بهذه القرية.
6. ما حدث لصاحب القرية كان في لحظة زمن، بمعنى الزمن كان ثابتا لإعادة العظام والكتلة متغيرة والمسافة أيضا، لكن في بعد زمني آخر بالضبط.
كلمة: أنظر مكونة من أربعة أحرف:
أ، ن، ظ، ر،
أولا تشير كلمة: أنظر إلى الاتجاه جنوب-شمال، ثم تشير إلى الاتجاه الثاني وهو أن الله جعل صاحب القرية في عالم الحقيقة "عالم الإله" ينظر كيف يبدو عالم القوقعة "الأرض"، فكان يتعرّف على العوالم الثابتة في عالم التجربة "الأرض".
7. جعل الله صاحب القرية في بعد زمني آخر، لينظر كيف يعيد كلّ شيء إلى طبيعته بين العالمين: عالم الحقيقة وعالم القوقعة، وهذا الاتجاه الثالث.
الاتجاه الرابع حيث العودة من البعد الزمني، باتجاه عالم القوقعة من خلال العوالم الثابتة.
8. قال له الله أنظر، ولم يقل له أشعر ولم يقل له هيا بنا، ركز على كلمة "أنظر "
وكان يعني بذلك بعد آخر.
وهكذا حدث الترميم ثم خرج من البعد الزمني إلى عالمه في لحظة وهو ينظر وليس يشعر، كان الأمر حقيقيا.
9. كما قلنا إن عالم التجربة الأرض له ظروف خاصة به، مثلا عندما يتلف الجسد كليا، لا يمكن إصلاحه في تلك الظروف، ولكن في بعد زمني آخر يمكن حدوث ذلك ببساطة. لأن الظروف في البعد تختلف كليّا عن ظروف عالم التجربة وهكذا يمكن طبيا معالجة أي داء مهما كان وكيفما كان.
10. يجب إختيار البعد الزمني بدقّة وإلا حدثت تشوهات أو يكون علاجا كاملا، فالطبّ في بعد زمني آخر يعدّ من البديهيات.
11. لما يدخل الجسم إلى بعد آخر تتغيّر الظروف من حوله تماما، ويخضع لظروف البيئة الجديدة، وهذه الأخيرة تشبه ما يحدث مثلا في الجنّة حيث أن الله جعل في الجنة ظروف أخرى، وكلنا يعلم أن الموت غير موجود فيها، كذلك المرض أما الطعام والشراب فمختلف، لا يكون منه بقايا، نفس الشيء بالنسبة للأبعاد الزمنية الأخرى، فهناك بُعدٌ زمني يعيد الخلايا إلى طبيعتها الأولى.
الحرف ظ، من كلمة أنظر: والتي تعني ضوء مظلم.
إن نقطة الالتقاء بين البعد الزمني الأول، وعالم القوقعة تجمع بين الضوء المظلم والضوء الأبيض. ولكي نفهم بقية الأحرف نمر إلى الكلمة الختامية للصلاة والدعاء أي آمين.
. . .
• كلمة آمين
سنتحدث عن كلمة: آمين وعلاقتها بكلمة: أنظر.
أ،. م،. ي،. ن،.
حرف الألف، وهي مجال "أعلى".
أما الحرف ميم، مجال "منخفض".
حرف النون، فهي تعني ما يلي:
الألف، ثم النون، من كلمة: أنظر:
وهي مسلك العبور، ويكون سالما فقط في هذا المجال من النون، نحو الألف، ومن الألف، نحو النون،
النون، هي مجال مفتوح وتعني "نشور"، ويكون في هذا المجال الضوء الأبيض مفتوح لا حدود له. مجال الضوء الأبيض لا يمتزج بالمجال الأعلى وكليهما منفصل، ولذلك سمي بعدا.
الحرف الياء، من كلمة: آمين وعلاقتها بحرف ظ، من كلمة: أنظر وبالحرف ميم، من نفس الكلمة.
من حرف الياء، إلى حرف الميم، مسلك غير آمن أبدا، والسبب هو أن مجال الياء مغلق وضوءه مظلم، وطبعا كليهما منفصل عن بعض.
حرف الياء، تعني كلمة: يطوى.
الشخص الذي يدخل بعد زمني آخر، يجد نفسه أمام كل تلك المجالات الأربع وهو من سيختار ماذا عليه أن يسلك.
• لنتحدث عن الحركة كيف هي في كلا الحالتين:
في المسلك الآمن (أ) و(ن) يكون المرور متعرّج تصاعديا. وفي المسلك الغير آمن (ي) و(م) يكون المرور وكأنك تلتف وتطوى تنازليا وهذا ما يسبّب التشوهات والتضييق.
في لحظة تجمّد الزمن والسرعة المهولة المستعملة للدخول في البعد الزمني الآخر درجة واحدة تصاعديا، ستلاحظ خلفك أن عالم القوقعة ما هو إلا حلقة صغيرة جدا؛ كعجلة تدور دون توقّف وتتقلّص باستمرار وبسرعة، وكأنها تتلاشى.
ومع التقدم إلى البعد درجة ثانية، تلاحظ أن كون القوقعة مجرّد بذرة ملقاة في الفلاة، لكن حجم الشخص الخارج من عالم القوقعة يزداد تصاعديا.
• آدم عليه السلام كان ضخم البنية حين نزل أوّل مرّة إلى الأرض، ثم تناقص حجم ذريّته تدريجيا عبر العصور. ومن يخرج من عالم القوقعة الأرض، يعود شبابه ويطول عمره كذلك. ولو أنّ أحدا من "عالم الإله" قذف بأدقّ شيء نحو عالم القوقعة "الأرض"، لأدّى ذلك إلى تدميره كليًا. وهذا ما أشار إليه الله في قوله عن السماوات والأرض، لصغر حجمها الشديد مقارنة بالأبعاد الأخرى. وحين يحاول الشخص العودة من بعد زمني آخر إلى عالم القوقعة الأرض، ينبغي أن يكون لديه المعالم الخاصة بكون القوقعة الأرض، وإلا تاه في الأبعاد الزمنية المنخفضة، المظلمة والمطويّة.
بسم الله الرحمن الرحيم
مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ۚ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ والْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ۚ والَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ۖ ومَكْرُ أُولَٰئِكَ هُو يَبُورُ﴿ سورة فاطر10﴾
ويقصد بقوله: إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه. المجال الأعلى بعد حرف الألف، حيث عالم الحقيقة الجميل والذي فيه كل النور.
بسم الله الرحمن الرحيم
ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ﴿ سورة التين 5 ﴾
ويقصد بقوله: ثم رددناه أسفل سافلين. المجال المنخفض حيث حرف م، أين يكون بعده عالم القوقعة والمجال المظلم.
بسم الله الرحمن الرحيم
فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ﴿ سورة الأنعام 44﴾
ولَو فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ﴿ سورة الحجر 14﴾
• كلما ابتعد الشخص تصاعديا عن نقطة بداية البعد الزمني؛ باتجاه الحرف ألف، من كلمة: آمين: وكلمة: أنظر، فهو يكون باتجاه جنوب-شمال، وكثافة الضوء الأبيض تشتدّ وصولا في النهاية لعالم الحقيقة.
بسم الله الرحمن الرحيم
يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ﴿ سورة الأنعام 125﴾
"صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا" ويعني ذلك يصاب به من يعبر المسلك ياء، ميم، وأن نقطة التقاطع بين المستقيم ( أ، م ) والمستقيم ( ي، ن) هي حرف ( ق) وتشير إلى عالم القوقعة الارض.
هذه الحروف الخمسة هي حروف المفاتيح ا، م، ي، ن، ق،
وفي الرسم النموذجي المرفق يوضح كل ما ذكرته بالضبط.
،؛، إن إدخال الجثة الميت تحت التراب
توفر شبه بعد زمني آخر في اتجاهين.،؛،
12. لما خلق الله البشر اختار التراب، أولا لكل شخص ترابه، نفس تراب التكوين هو نفس تراب الحفرة بالضبط، إن كل شيء مدروس حتى وإن رفع الجسد عن الأرض دهرا سيعود في النهاية لتراب حفرة الدفن وهكذا بالنسبة لجميع البشر.
13. تراب جسد التكوين يتغير من شخص لآخر وطبيعته أيضا والتراب الذي داخل حفرة الدفن ليس كتراب السطح مهما تقارب في اشتماله على نفس بعض المكونات، عندما يدخل الجسد إلى الأرض فإن تربة الجسد تتفاعل مع تربة حفرة الدفن وينجم عنها شبه بعد زمني آخر، يجعل الجسد إما يتحلّل ويتلاشى أو يبقى كما هو على الدوام، وهذا ما يقال عن شخص صالح العمل وهذا شخص سيء العمل حسب ما تراه عيونكم، لكن الحقيقة الثانية أن مكان تلك الحفرة هو شبه بعد زمني آخر تم تهيئته من طرف الله، يوم جمع تراب الأجساد أول مرة حتى يتوافق يوم الدفن مع تراب ذلك الجسد ويبقى محفوظا إلى يوم لحظة الميعاد حين تعود الأجساد نفسها مع الأرواح حية، وهذا ما يحدث للأنبياء أيضا