تائه في دير، و الكاهن يلقنني طقوس الحزن ،لأن الحقيقة أسوأ ما رأيت، سيئ الأشياء هو الحظ العاثر و الإعتماد عليه، و أنا جالس أمامه و الكراسي حلها شاغرة بالصمت و التأمل، أنتظر ما أخشاه ، فأنا عبئ على نفسي بكثرة الصلاة على محراب المغادرة، مجرد درس ألقاه هذا الكاهن الظريف
كم من طقس هو كتب أفكاري و لحظات خيبتي، كان متاح كل شيئ كنت ألقاه، الشك و عدم الشك ، لا أدعي الإيمان المطلق للخطأ و الصواب، هامش قد يخط
إنما هو طريقي دوما الشائك للبحث عن الحقيقة، المبتغى كان وهم، و الصدق أحاطه السراب الأعمى ، قد تفقد كل شيئ، لأنه كان أصل الحكاية للبداية و النهاية
أغتسل كل يوم قبل دخول هذا الدير، و أنا على يقين تام بأن الجواب على لسان الكهنة ، كان أضغات أحلام، فما الفرق بين سجن يوسف، وسجني أنا مع هذا الحظ؟ واساني ليلي ، و أجلدني اعتذاري، و كان الصفح ثمن زهدي في عزلتي و انكساري، آه كم هو قاس أن تدفع ثمنا غاليا في البحث عن الصفاء و الطهر و النقاء، جواهر هي لم يفتح صندوقها هذا الكاهن لي، حين مناداتي له و هو يخاطبني: أنت أيها الاسقف المبتدئ! أين إنجيلك ألم تحظره كالمعتاد؟ أهو تمرد منك أم عناد و إصرار؟
غاب ضوء قلبي فاعتنق عقلي ديانة غير ديانتي، مجرد صلاة أردت أن أتعلمها ، قد أصاب بالجنون و الكل صار يحرف الحق، و يزين الباطل، ويدعي أنه باق على فطرته الأولى، فأي تناقض هذا ؟ وقد سلك يراعي كتابة ضياع بين زحام المرئي و اللامرئي، وبين الحسي و اللاحسي، و بين الوعي و اللاوعي،
نراقب ، نسمع ، نحكم، و الرؤية تلك الصورة التي يرسمها الآخر علينا و لنا، كم من الأقنعة ألبسوها لنا، نسجت ونحن لا نعلم و لا ندري ولا نكون، خلاف دوما لداهيز عقل مثقل بالتساؤلات كان منذ الأزل
أحيانا لا نفصح عن نفوسنا، و غالبا يكون ذلك الإمتلاك الحقيقي لكل سر من أسرارنا، فلا تحاورني عن كتاب أنت لم تقرأه بعد،، قد يكون عنواني هو من جذبك لقرائتي، أو صورتي هي التي أعجبتك، لكن المحتوى لا تعرفه و لا تفقهه، فلا تسيئ بي الظن ، وهذا أبسط ما أطلب و لا تسأل
لقد كان هذا جزء من تعبي و أنا تائه بذاك الدير، و الكاهن يلقنني طقس الحزن
فلا تسأل عن الحقيقة، فأنت بلا شك تعرفها عني
بقلمي :أبو سلمى
مصطفى حدادي
