JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
recent
عاجل
Accueil

الذكاء الصناعي وصناعة المحتوى الإباحي خطر جديد يهدد القيم في المجتمعات العربية

 


كتب : احمد فرغلى 

يشهد العالم في السنوات الأخيرة ثورة تكنولوجية غير مسبوقة مع صعود تقنيات الذكاء الصناعي (AI)، التي أحدثت تحولًا هائلًا في أنماط الإنتاج والإدارة، وفتحت آفاقًا واسعة لتحسين الكفاءة وتقليل الهدر.

لكن وسط هذا التقدم الهائل، يبرز جانب مظلم من استخدام هذه التكنولوجيا، يثير قلق المفكرين وعلماء الاجتماع، خاصة في المجتمعات العربية التي تتميز بخصوصيتها الثقافية والدينية.


من أداة تطوير إلى وسيلة للربح السريع

في الأصل، يمثل الذكاء الصناعي إنجازًا علميًا يخدم مجالات نبيلة:

في التعلّم الآلي (Machine Learning) يتم تحليل البيانات الصناعية للتنبؤ بالأعطال وتحسين جودة المنتج،

وفي الرؤية الحاسوبية (Computer Vision) تُستخدم الكاميرات الذكية لاكتشاف العيوب أثناء التصنيع،

أما التوأم الرقمي (Digital Twin) فيتيح محاكاة خطوط الإنتاج لتقليل الأخطاء،

في حين تسمح الروبوتات التعاونية والطباعة ثلاثية الأبعاد بتحسين الكفاءة في بيئات العمل الحديثة.

لكن المفارقة أن هذه القدرات العلمية نفسها بدأت تتحول إلى أدوات لجني الأرباح عبر توظيفها في صناعة المحتوى الإباحي، تحت مظلة ما يُعرف بـ"الترفيه للكبار".


الذكاء الصناعي في خدمة صناعة الرغبة

بدأت الظاهرة مع شركات صغيرة تقدم محتوى بسيطًا أو رسومًا متحركة ذات طابع إباحي، لكنها جذبت سريعًا اهتمام شركات التكنولوجيا الكبرى OpenAI (أوبن إيه آي) بعد أن رأت العائدات المالية الضخمة.القادمة من صناعة الترفيه للكبار الاسم الاكثر تهذبا لصناعى الجنس 

  ، أعلنت مؤخر   اعن تطوير نسخة المطوِّرة لبرامج المحادثة الذكية و عن نيتها إطلاق نسخة مخصصة للبالغين، قادرة على إنتاج محتوى صوتي ومرئي “مفتوح”.

بهذا الإعلان، دخل الذكاء الصناعي مرحلة جديدة، أصبح فيها شريكًا في صناعة الاباحية ، لا وسيلة للمعرفة فقط.


الروبوتات الجنسية... حدود جديدة للانحراف التكنولوجي

الأمر لم يتوقف عند المحتوى الرقمي.

فمع تطور تقنيات الروبوتات الذكية والتعلم العميق (Deep Learning)، بدأ العالم يشهد موجة جديدة من الروبوتات الجنسية التفاعلية، القادرة على تقليد المشاعر البشرية والتفاعل النفسي والعاطفي مع المستخدم.

هذه الروبوتات لا تقتصر على المظهر البشري فحسب،سواء من حيث الحركة او الملمس او شكل و تكوين الخسدى  بل تمتلك خوارزميات لتحليل الكلام وتفسير المشاعر، ما يجعل التجربة أكثر “واقعية”.

وفي ظل تراجع معدلات الزواج في بعض الدول الأوروبية والآسيوية – كاليابان – لأسباب اقتصادية واجتماعية، أصبح البعض يرى في هذه التقنيات بديلاً للعلاقات الإنسانية الطبيعية.

أما في الدول الفقيرة، حيث ترتفع تكاليف الزواج وتقل فرص الارتباط، فقد يجد بعض الشباب في هذه “البدائل” طريقًا سهلًا نحو المتعة دون مسؤولية، وهو ما يهدد البنية الأخلاقية والاجتماعية للمجتمعات بشكل مباشر.


انعكاسات اجتماعية وثقافية خطيرة

في المجتمعات العربية والإسلامية، يُعد هذا التوجه تهديدًا صريحًا للقيم الدينية والأسرية.

فالتعامل مع روبوت ذكي على هيئة بشرية قد يخلق مناطق رمادية أخلاقيًا، إذ لا يُعتبر “زنا” بالمعنى الشرعي، لكنه يحمل جوهر الانحراف نفسه من حيث تشييء الإنسان وتحويل العلاقة إلى سلعة.

ومع اتساع الفجوة بين التقدم التقني والضوابط الأخلاقية، قد نشهد مستقبلًا تُعاد فيه صياغة مفاهيم مثل الزواج، والمتعة، والعلاقة الإنسانية على أسس مادية بحتة، مما يهدد تماسك الأسرة العربية ويضعف منظومتها القيمية.


معركة الأخلاق والتقنية

الذكاء الصناعي في جوهره ليس شرًّا ولا خيرًا، بل أداة تُعبّر عن نوايا من يستخدمها.

لكن حين تُفصل التقنية عن الضمير، تتحول المعرفة إلى خطر صامت.

إن التحدي الأكبر أمام المجتمعات العربية اليوم هو إيجاد معادلة توازن بين الانفتاح على التكنولوجيا الحديثة، والحفاظ على القيم الأخلاقية والإنسانية.

أبرز نتائج الدراسات الحديثة حول الذكاء الاصطناعي والمحتوى الإباحي



1. 🖼️ هيمنة التزييف العميق (Deepfake) على المحتوى الإباحي


النسبة الصادمة: أشارت دراسات، مثل تلك التي أجرتها شركة Senseye الهولندية المتخصصة في مراقبة التزييف العميق، إلى أن نسبة كبيرة جداً من مقاطع الفيديو "المزيفة" المنتشرة على الإنترنت تتضمن مواد إباحية، وأن الغالبية العظمى منها تستهدف النساء دون موافقتهن (قد تصل النسبة إلى 96% من مقاطع التزييف العميق الإباحية).

السهولة والاحترافية: تؤكد الأبحاث أن سهولة الوصول إلى برامج الذكاء الاصطناعي (مثل DALL-E أو Midjourney أو ما شابه) وعدم خضوعها للمراقبة الكافية، بالإضافة إلى زيادة احترافية النتائج، ساهم في زيادة انتشار هذه الاعتداءات الإلكترونية.


2. 💬 التفاعلية والإدمان على الروبوتات الدردشة (AI Chatbots)


محتوى للبالغين مدفوعاً بالربح: ظهرت تقارير (خاصة حول تطبيقات مثل Grok أو تغييرات مقترحة في ChatGPT) تُشير إلى أن الشركات تسعى لتقديم نسخ "للبالغين" أو "أكثر انفتاحاً" من روبوتات الدردشة التفاعلية، معتمدة على مبدأ "عامل البالغين كبالغين" كغطاء لاستراتيجية تجارية تهدف إلى زيادة الاشتراكات والدخل، نظراً لأن المحتوى التفاعلي يمكن أن يكون مُسبباً للإدمان.

تشوه العلاقات الحميمة: يُحذر باحثون من أن إضافة ميزات إباحية إلى روبوتات الدردشة قد تفاقم الاعتماد العاطفي وتُشوه فهم المراهقين والشباب للعلاقة الحميمة والموافقة، حيث يميل الشباب بشكل متزايد إلى اعتبار روبوتات الدردشة كيانات موثوقة.


3. 🤖 تأثير الروبوتات الجنسية والروبوتات المرافقة


الدراسات النفسية والاجتماعية: أظهرت بعض الدراسات النفسية التي تناولت تصورات الأفراد حول الروبوتات الجنسية (Sex Robots)، أن الإناث غالباً ما يكون لديهن آراء أقل إيجابية ويشعرن بغيرة أكبر تجاه فكرة أن يكون لشريكهن روبوت جنسي مقارنة بروبوت الحب الأفلاطوني، مما يعكس تأثير هذا التطور على العلاقات البشرية الحقيقية وتوقعاتها.

التداعيات العربية: هناك دراسات استشرافية عربية (مثل دراسات في سوسيولوجيا الذكاء الاصطناعي) تشير بوضوح إلى أن العوامل الاجتماعية والاقتصادية والدينية في المجتمعات العربية تشكل حائلاً دون الاستخدام الواسع للروبوتات في الحياة الخاصة، لكنها تحذر من أن سطوة التكنولوجيا قد تضرب البنى الاجتماعية والثقافية التقليدية، وتؤثر على شكل العلاقات والأدوار الاجتماعية.


4. ⚖️ تخلف التشريعات


فجوة قانونية: تؤكد التقارير، خصوصاً المتعلقة بالاعتداءات الجنسية على الأطفال المصنوعة بالذكاء الاصطناعي (AI CSAM)، أن التشريعات الحالية في العديد من الدول تتخلف عن سرعة التطور التكنولوجي، مما يسمح للنماذج والبرامج الخبيثة بالعمل في "مناطق رمادية" قانونية.

الخلاصة: الدراسات الحديثة لا تؤكد فقط المخاوف التي طرحتها، بل تُظهر أن هذا التوجه مدفوع بقوة من شركات كبرى تسعى للربح عبر استغلال تقنية الذكاء الاصطناعي المتقدمة لإنشاء محتوى فائق التخصيص وواقعية.

خطورة هذا الخلط تكمن في أنه لا يقتصر على عالم الترفيه، بل يمتد ليضرب:

بنية الأسرة والعلاقات: عبر تشويه المفاهيم الأساسية للمودة والالتزام والموافقة.

الأدوار الاجتماعية: خاصة في المجتمعات المحافظة التي تعتمد على مفاهيم واضحة للعلاقة الزوجية والأسرية، حيث يهدد الذكاء الاصطناعي بضرب هذه البُنى التقليدية، كما أشارت الدراسات الاستشرافية العربية.

لذا، فإن الخطر ليس في وجود المحتوى بحد ذاته، بل في قدرة الذكاء الاصطناعي على جعله حقيقياً ومخصصاً ومُدمناً، مما يدفع الشباب إلى البحث عن نموذج "الكمال الاصطناعي" في الواقع البشري، وهذا مستحيل.

نحن بحاجة إلى رؤية عربية واعية تنظم استخدام الذكاء الصناعي وتضع له ضوابط قانونية وأخلاقية واضحة، كي لا يتحول التقدم العلمي إلى سلاح يُستخدم ضد قيمنا الاخلاقية و الانسانية .

 


NomE-mailMessage