JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
recent
عاجل
Startseite

لحظة البداية الجسد يستقر… والخيال يستيقظ



بقلم : محمد حسني محمود 

هناك لحظات في حياتنا تبدو بسيطة من الخارج، لكنها تحمل في داخلها ثقل عالم كامل لا يراه سوانا. لحظة الجلوس على مقعد الأتوبيس، قد تبدو جزءًا عابرًا من روتين يومي، لكنها عند البعض تتحوّل إلى طقس روحي، وإلى مساحة يتكوّن فيها الفيلم الداخلي الذي لا يعرض في دور السينما، بل في أعمق نقطة في الوعي.

 لحظة البداية الجسد يستقر… والخيال يستيقظ.. حين تأخذ وضع الجلوس الصحيح، وتستقيم، ويتوازن الجسد… يحدث شيء لا يشرح بسهولة. كأن العقل كان ينتظر هذا الترتيب ليبدأ هو في الفوضى الجميلة... إغماض العين هنا ليس نومًا، بل إلغاءً للعالم الخارجي، ليصبح الداخل أكثر وضوحا.

يبدأ الفكر في التمدد، والصور في التشكّل، والصوت الداخلي في الظهور كأنه كان مختبئًا خلف ضوضاء اليوم.

هذه اللحظة ليست مجرد شرود، بل انتقال وعي… من الخارج إلى الداخل.

 الكلمات ككائنات حيّة؛ ما يميّز هذه الحالة أن الكلمات لا تبقى كلمات؛تصبح شيء يمكن لمسه، تحريكه، اختبار ثقله.

تبدو المعاني كأنها تتحرك في فضاء عقلك، تتخاصم، تتصالح، تتنافس، ثم تصطف لتكوّن مشهدًا له بداية ووسط ونهاية.

الكاتب الحقيقي لا يستقبل الكلمات… بل يصطادها، ويعيد ترتيبها حتى تنضج التجربة التي يريد أن يعبّر عنها.

 المسافة بين الماضي والحاضر؛ في تلك اللحظات، يصبح الزمن مرنًا بشكل غريب.

الحاضر لا يختفي، لكنه يتراجع قليلًا، والماضي يتقدّم بثقة، ثم يحدث تفاعل بين الاثنين.تكتشف أن التجربة الإنسانية ليست خطًا مستقيمًا، بل دائرة تعود فيها المشاعر، وتتكرر الأسئلة، وتعيد الروح قراءة أحداث ظنّت أنها انتهت.

التحليل هنا واضح هذه الحالة ليست هروبًا، بل مواجهة ناعمة مع الذات، تسمح بإعادة ترتيب أفكار ظلت مؤجلة لأيام أو سنوات.

 القلم… الصديق الذي يترجم العالم .. وفي النهاية، يأتي دور القلم.. ليس كأداة كتابة، بل كرفيق يعرف مواعيد حضورك الغائب.

حين يمتلئ الرأس بالصور، ويغصّ القلب بالمشاعر، يصبح القلم هو المنفذ الوحيد لتهريب هذا الصخب.. الورقة تتحوّل إلى مسرح تُعرض عليه المشاهد التي صنعتها داخليًّا، لا لكي يراها الآخرون فقط، بل ليسمعك أنت نفسك.

هذه العملية ليست مجرد كتابة خواطر…

إنها تنظيم للعالم الداخلي، وثبات لوعي كان يتشتت لولا الحبر.

NameE-MailNachricht