بقلم / محمود عبده الشريف
غياب الوحدة العربية
القضية الفلسطينية — التي كانت يومًا ما قضية العرب المركزية — لم تعد تحظى بالزخم ذاته الذي حظيت به في منتصف القرن الماضي. الانقسام العربي، والصراعات الداخلية، وغياب مشروع قومي موحد، كلها عوامل فتحت الطريق أمام إسرائيل لفرض أجندتها على الدول المجاورة.
التفوق الإسرائيلي والدعم الدولي
بينما تنشغل الدول العربية بصراعاتها الداخلية، طورت إسرائيل قدراتها العسكرية والتكنولوجية، وأقامت شبكة علاقات استراتيجية مع القوى الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة. هذا التحالف القوي مكّنها من أن تكون اللاعب الأكثر تأثيرًا في معادلة الشرق الأوسط.
التطبيع كأداة اختراق
شهدت السنوات الأخيرة موجة من اتفاقيات التطبيع بين بعض الدول العربية وإسرائيل، وهو ما اعتبرته الأخيرة انتصارًا سياسيًا يعزز شرعيتها ويضعف الموقف التفاوضي للفلسطينيين. وباتت إسرائيل قادرة على اختراق العمق العربي سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا.
غياب المشروع العربي الجامع
المشكلة الكبرى لا تكمن فقط في قوة إسرائيل، بل في غياب مشروع عربي مضاد يضع مصلحة الأمة في المقام الأول. فبينما تمتلك الدول العربية ثروات هائلة وموقعًا استراتيجيًا لا مثيل له، إلا أن غياب التنسيق والاعتماد على القوى الأجنبية في حل المشكلات جعل القرار العربي مرهونًا بالخارج.
الحماية الأجنبية: وهم باهظ الثمن
دفعت بعض الدول العربية مئات الملايين من الدولارات للقوى الكبرى، خصوصًا الولايات المتحدة، أملاً في أن تكون "الحامية" لها. لكن الأحداث الأخيرة في قطر أكدت أن هذه الحماية ليست مطلقة، وأن منطق المصالح هو الذي يحكم السياسة الدولية.
وهنا يبرز المثل العربي: "ما حك جلدك مثل ظفرك"، فلو أن هذه الأموال وُجِّهت لبناء قوة عربية مشتركة، لامتلك العرب القدرة ليس فقط على الدفاع عن أنفسهم، بل عن المنطقة بأكملها.
إلى أين؟
يبقى السؤال: هل يستمر العرب في حالة الضعف هذه أمام الهيمنة الإسرائيلية، أم أن هناك فرصة لإعادة التوازن؟
الحل يكمن في:
بناء موقف عربي موحد بعيدًا عن الخلافات الضيقة.
الاستثمار في البحث العلمي والتكنولوجيا لمواجهة التفوق الإسرائيلي.
إحياء القضية الفلسطينية باعتبارها حجر الأساس لأي مشروع نهضوي عربي.
تحرير القرار السياسي العربي من الضغوط الخارجية.
ختامًا، يمكن القول إن العرب اليوم أمام مفترق طرق: إما أن يستسلموا للهيمنة الإسرائيلية، وإما أن يستعيدوا زمام المبادرة عبر مشروع جامع يعيد للأمة قوتها ومكانتها.