JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
recent
عاجل
Accueil

أنا وحضانة الأطفال


 قاعة حضانة غارقة بالألوان.

أصوات ضحك بريئة تتناثر في الهواء.
طارق يدخل متردداً،
كأنه عابر إلى عالم لا يشبه ما تركه خلف الباب.
سلمى ترافقه بهدوء،
وصوته الداخلي يهمس في أعماقه.
طارق (متأملًا، بنبرة شاعرية) :
أي أرض هذه؟ جنة صغيرة ،أم محكمة تحاكم قسوتي ، بضحكات لا تعرف الزيف؟
كل خطوة أخطوها كأنني أخلع حذاء الغربة من قدمي.
الصوت الداخلي:
لا تخف. أنت هنا لست معلماً ولا غريباً.
أنت متعلم من جديد ،
تلميذ أمام بساطة الحياة.
سلمى تبتسم :
هنا لا يُطلب منك أن تمنح، بل أن ترى ،
أن تعود كما كنت قبل أن يثقل قلبك.
(الأطفال يقتربون من طارق،
واحدًا تلو الآخر،
يحملون ما صنعته أيديهم الصغيرة)
طفلة ترفع رسماً ملوّناً :
هذه شمس رسمتها لك،
أكبر من نافذتنا ، لتعرف أن الضوء لا يحده جدار.
طفل يحمل طائرة ورقية من ورق مقوى :
ستطير عاليًا ، مثل قلبك حين يبتسم.
طفلة تمسك بعقد من الخرز :
عقد صنعته بيدي ، أردته لأمي، لكنه لك،
لتتذكر أن الفرح يمكن أن يُنسج بخيط واحد.
طفل آخر يحمل صندوقاً من الكرتون :
هنا أسراري ، لكنها صارت لك،
لأنك تبدو حارساً أميناً.
(ضحكات الأطفال تملأ القاعة.
يتحلقون حول طارق،
يرفعون أعمالهم نحو السقف ،
كأنهم يزرعون نجومًا جديدة في فضاء الغرفة.
الضوء ينعكس في وجوههم،
وكأن الفرح يخلق مجرته الخاصة)
طارق يبتسم والدمعة في عينيه :
أيمكن أن يصنع الكون كل هذا النور من ورقة،
من خرزة، من صندوق صغير؟
أكنت غافلاً عن أن الجمال يولد من أبسط الأشياء؟
الأطفال بحماس جماعي :
احكِ لنا قصة يا عم طارق!
نريد حكاية من قلبك!
(صمت لحظة.
طارق يتردد، يضع يده على صدره ،
وكأنه يبحث عن الكلمات.
سلمى تبتسم له بتشجيع،
والصوت الداخلي يهمس)
الصوت الداخلي :
لا تبحث عن حكاية بعيدة،
فقط احكِ ما يسكنك الآن.
طارق يجلس بينهم، بصوت دافئ، يشرع في الحكاية :
كان يا ما كان
رجلٌ يحمل قلبًا ثقيلاً كصخرة.
سار في الطرقات يبحث عن الفرح.
ظنّه فوق الجبال، فتسلق حتى أرهقته الصخور.
وظنّه في البحار، فركب الموج حتى كاد يغرق.
واعتقد أن المدن تخبئه،
فغاص في زحامها حتى اختنق.
كلما مدّ يده للفرح ، تبخر كأنه سراب.
(الأطفال ينصتون في دهشة،
بعضهم يفتح عينيه بدهشة حقيقية)
طارق يتابع، صوته يرتعش بالصدق :
وفي ليلة باردة،
جلس الرجل وحيدًا تحت شجرة يابسة،
وقال : لقد انتهيت ، لا مكان للفرح في قلبي.
لكن فجأة، ظهر أمامه طفل صغير،
يحمل ورقة بيضاء،
ورسم عليها شمسًا بابتسامة واسعة.
قال له: "الفرح ليس بعيدًا ،
إنه هنا، في قلبك،
فقط كنت قد نسيته".
(الأطفال يتنفسون بفرح،
يتهامسون بينهم : الشمس! الورقة!
القصة كأنها قصتهم)
طارق تعلو نبرته :
ومنذ تلك اللحظة،
فهم الرجل أن الفرح لا يُشترى ولا يُصاد في البحار ،
بل يُزرع في البساطة،
في ضحكة، في لعبة صغيرة،
في قلب طفل.
وحين عاد ينظر حوله،
وجد الكون كلّه يبتسم له.
(الأطفال يصفقون ويضحكون بفرح،
بعضهم يقفز في مكانه،
وبعضهم يتسلق على ركبتي طارق،
وكأنهم أصبحوا أبطال الحكاية)
سلمى بصوت متهدج :
أرأيت؟ لقد صرت أنت الرجل في قصتك ،
وها هم الأطفال شمسك الجديدة.
الصوت الداخلي بهدوء عميق :
الحكاية لم تكن لهم فقط ،
كانت لك أنت أولاً.
طارق ينهض بينهم، صوته يرتجف لكنه قوي :
اليوم ولدت من جديد ،
لقد حكم عليّ هؤلاء الصغار بالبراءة،
وأطلقوا في داخلي حياة لا سلطان عليها إلا النور.
(الأطفال يغنون أغنية جماعية عفوية،
يلوحون بأعمالهم في الهواء.
المشهد يشتعل بطاقة من الفرح،
كأن المكان كله يتحول إلى كوكب صغير ينبض بالحياة.
ظلام تدريجي على صوت ضحكاتهم الممتزجة بنبض قلب طارق).
طارق غريب
أنا وحضانة الأطفال

عبدالعظيم زاهر

Commentaires
    Aucun commentaire
    Enregistrer un commentaire
      NomE-mailMessage