JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
recent
عاجل
الصفحة الرئيسية

الضمير الغائب في حياة بعض البشر.



 . 

بقلم الاعلاميه دكتوره غاده قنديل

 غياب الرقيب الداخلي أخطر من غياب القانون في حياة بعض البشر يغيب الضمير، فيتحول الإنسان من كائن حي ميزه الله بالعقل والقلب إلى آلة باردة لا تعرف سوى المصلحة. الضمير هو الحارس الداخلي، هو الصوت الخفي الذي يوقظك إذا ظلمت، ويحاسبك إذا أخطأت، ويذكرك بإنسانيتك حين تغريك الدنيا ببريقها. فإذا غاب هذا الرقيب، سقطت الحدود، وانهارت القيم، وتحول المجتمع إلى غابة يأكل فيها القوي الضعيف بلا رحمة.


الضمير الغائب يعني إنسانًا بلا إحساس، يبرر الخيانة بأنها "ذكاء"، ويعتبر الكذب "حيلة مشروعة"، ويرى الظلم "قوة"، ويحول الأذى إلى "وسيلة نجاح". مثل هؤلاء يعيشون بلا محاسبة داخلية، وكأن قلوبهم ميتة، وعيونهم عمياء، وآذانهم صمّاء.


والأخطر من ذلك أن غياب الضمير لا يؤذي صاحبه فقط، بل يمتد أثره إلى الآخرين والمجتمع كله. حين يغيب الضمير عند المسؤول، تضيع الحقوق. وحين يغيب عند التاجر، ينتشر الغش. وحين يغيب عند الطبيب أو المعلم أو القاضي، ينهار الوطن من أساسه. فالمجتمعات لا تسقط بسبب قلة مواردها، ولكنها تنهار حين يكثر فيها أصحاب الضمائر الغائبة.


القانون يمكن أن يراقبك من الخارج، يضع لك نصوصًا وعقوبات، لكن الضمير يراقبك من الداخل، يمنعك حتى من التفكير في الخطأ. لذلك كان غياب الضمير أخطر من غياب القانون، لأن من يملك ضميرًا حيًا لا يحتاج إلى سجان، بينما من مات ضميره قد يخرق ألف قانون بلا خوف ولا خجل.


لقد قال أحد الحكماء: "إذا غاب الضمير، صارت الخيانة وجهة نظر، والسرقة شطارة، والنفاق مهارة، والرشوة قهوة". وهذه هي الكارثة الكبرى التي تقتل المجتمعات من الداخل.


إن ما نحتاجه اليوم ليس فقط قوانين صارمة، بل عودة الضمير إلى قلوب البشر. نحتاج أن نتذكر أن الحياة ليست سباقًا للمكاسب السريعة، بل هي امتحان لإنسانيتنا. فبالضمير تحيا القلوب، وتزدهر الأوطان، وبغيابه تتحول الدنيا إلى جحيم.


استيقظوا أيها البشر.. الضمير ليس رفاهية بل حياة، وليس شعارًا بل أمانة، ومن فقد ضميره فقد إنسانيته كلها.

author-img

JOURNALEST

تعليقات
    ليست هناك تعليقات
    إرسال تعليق
      الاسمبريد إلكترونيرسالة