JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
recent
عاجل
الصفحة الرئيسية

العيد والملابس الجديدة: تقليد عريق واحتفال معاصر

 


يُعَدّ العيد من أهم المناسبات التي يحتفل بها المسلمون في مختلف أنحاء العالم ويحمل في تفاصيله طقوسًا وعادات ضاربة بجذورها في عمق التاريخ ومن بين أبرز هذه المظاهر عادة ارتداء الملابس الجديدة التي ظلت ترافق الأعياد جيلاً بعد جيل حتى غدت جزءًا لا يتجزأ من هوية الاحتفال وسمةً مميزة لأيام الفرح والبهجة.
إن ارتباط الأعياد بالملابس الجديدة ليس أمرًا مستحدثًا بل هو تقليد إنساني قديم عرفته الحضارات القديمة منذ آلاف السنين فلطالما شكّلت الملابس رمزًا اجتماعيًا وثقافيًا يعكس قيمة المناسبة وأهميتها كان المصريون القدماء يرتدون أبهى حُللهم في الأعياد والمهرجانات وكذلك فعلت حضارات الرافدين والشام وشبه الجزيرة العربية
ومع بزوغ فجر الحضارة الإسلامية حافظ المسلمون على هذا التقليد بل ومنحوه طابعًا شرعيًا ونفحة روحية حيث حثّ النبي ﷺ المسلمين على ارتداء أفضل ما يملكون من ثياب نظيفة وجميلة في يوم العيد تعبيرًا عن الشكر لله وإظهارًا للفرح بتمام النعمة.
ولم تكتف الدول الإسلامية بتشجيع هذا المظهر الاحتفالي بل نظّمته رسميًا في بعض العصور ففي الدولة الفاطمية أُنشئت دار الكسوة لتوفير ملابس العيد وتوزيعها ليلة العيد على فئات المجتمع المختلفة من كبار رجال الدولة إلى صغار الموظفين وكان مسؤول الدار يُعرف بـ"صاحب المقص" يتولى الإشراف على تجهيز الكسوات وفقًا لأوامر الخليفة وقد استمر هذا التقليد في العصور المملوكية حيث حرص السلاطين ومؤسسو المدارس والمساجد على توزيع ملابس العيد على الطلاب والفقراء والعاملين.
مع اقتراب عيد الفطر المبارك تشهد الأسواق والمحال التجارية حركة غير مسبوقة حيث يتسابق الناس لشراء الملابس الجديدة لأنفسهم ولأسرهم ولم تعد المسألة مجرد شراء ملابس بل تحولت إلى طقس احتفالي ينتظره الكبار والصغار ووسيلة اجتماعية للتقارب الأسري حيث يجتمع أفراد العائلة للتسوق معًا وسط أجواء مبهجة تعكس بهجة العيد
هذا النشاط التجاري الموسمي أصبح أيضًا ركيزة اقتصادية مهمة إذ تحقق المتاجر والشركات نسب مبيعات مرتفعة خلال الأسابيع التي تسبق العيد حتى بات بعض التجار يخصصون خطوط إنتاج أو مجموعات خاصة لموسم العيد.
بعيدًا عن المظاهر تحمل عادة ارتداء الملابس الجديدة في العيد دلالات نفسية عميقة فهي رمز للتجديد الداخلي والمعنوي وبداية صفحة بيضاء مع النفس والناس كما أن ارتداء الجديد يعزز من الثقة بالنفس ويرفع المعنويات ويضفي إحساسًا بالفرح والانتماء الجماعي في أجواء مبهجة
وفي ثقافات كثيرة من بينها ثقافتنا العربية ارتبطت الملابس الجديدة بفكرة الحظ السعيد ففي تقاليد السنة الصينية الجديدة مثلاً يُعتقد أن الملابس الجديدة تجلب الخير والبركة للعام المقبل وهو نفس الشعور الذي يتولد في قلوب المسلمين حين يستقبلون صباح العيد بملابسهم الجديدة متفائلين بعام مليء بالخيرات.
خاتمة:
في النهاية يبقى ارتداء الملابس الجديدة في العيد أكثر من مجرد عادة إنه موروث ثقافي وروحي يعبر عن هوية الأمة واحتفائها بالحياة كما يجسد رسالة الإسلام السمحة التي تدعو إلى الفرح وتحث على التجمّل وتُعلي من شأن الإنسان بإظهار نعم الله عليه
فما بين عراقة التاريخ وبهجة الحاضر يستمر هذا التقليد الجميل في ترسيخ البهجة في القلوب وتجميل الأيام وتعميق روابط المجتمع.
العيد والملابس الجديدة: تقليد عريق واحتفال معاصر

عبدالعظيم زاهر

تعليقات
    ليست هناك تعليقات
    إرسال تعليق
      الاسمبريد إلكترونيرسالة