كتب / حزين عمر
انطباعات فنية
--------------------
أحداث ساخنة .. في أتيليه القاهرة
جمهور بالمئات..تزاحم على الفن التشكيلي و"بنت الأرض" !!
الظاهرة المرضية ؛ والداء المستعصي على العلاج في واقعنا الثقافي ؛ هو ما يشبه القطيعة بين الإبداع: أدبا وفنا تشكيليا ومسرحا جادا ؛ وبين الجمهور ..ففي غالبية الندوات الأدبية والأمسيان الشعرية التي يتصارع عليها الشعراء ليتصدروا منصاتها ؛ لن تجد من يستمع إليهم إلا أصداء أصواتهم !!
وقد بدأت مؤشرات هذه القطيعة الجماهيرية مع موجة التغريب والمسخ الذي تعرض له الشعر العربي في فترة السبعينيات ؛ وإغراق كثيرين ممن يدعون الشعر في الإبهام والتشوه العقلي والاضطراب الوجداني !! وخاصة من يكتبون "النثر الفني" ويسمونه "قصيدة"!!
اتسعت دائرة القطيعة من أمسيات الشعر إلى ندوات النقد ومناقشات الكتب والقضايا الثقافية العامة .. وعمق من الأزمة طفو بعض ضعاف الموهبة وسطحيي الإبداع إلى الصدارة ؛ بحكم وظائفهم أو ما يملكون من مصالح أو إغراءات - بالنسبة للنساء!! - فأضحت هذه الندوات خاوية على عروشها ؛ لا في قصور الثقافة والمؤسسات الثقافية فحسب ؛ بل كذلك في معرض الكتاب وأنشطته .
الفنان .. منفردا !!
استمرت دائرة "عدم الثقة" في التمدد من الأمسبات الشعرية والندوات الأدبية إلى عالم الفن التشكيلي .. فمع نزعات التهويم وانغلاق بعض التشكيليين على ذواتهم وانصرافهم عن الاشتباك مع الواقع العام ؛ دخل عنصر الصراع بينهم - كأشخاص ومذاهب ومدارس واتجاهات - كعنصر تنفير آخر للجمهور ..حتى أضحى من الشائع أن يذهب فنان لإقامة معرض له ؛ مستأجرا قاعة بعدة آلاف من الجنيهات ؛ ومرتديا أبهى ملابسه ؛ ومسشورا شعره المنكوش !! ثم لا يجد حوله في عرسه هذا غير عدة أفراد من أصدقائه لعدة دقائق ؛ ثم ينصرفون عنه ؛ ويلقى ومعرضه منفردين!!
ولا نتطرق لشراء بعض لوحاته هذه المكلفة ماديا له ؛ بل حتى لا يحظى بمشاهدتها من الجمهور ؛ وإدراك قيمتها الفنية وما بذل فيها من جهد وعناء ..فلا أحد يشاهد أحدا لأجل الإبداع ؛ إلا قليلا.
هذا الوضع المتردي؛ هذه القطيعة المزمنة ؛ نجح مؤخرا كيان واحد في كسرها وتجاوزها .. فالمئات من الجماهير المثقفة ومن الفنانين ومن الأدباء ؛ تواتروا على أتيليه القاهرة ؛ وتزاحموا داخله وحوله؛ في مشهد مبهج لمعايشة ثلاثة أحداث جرت في وقت واحد : معرض تشكيلي حمل اسم(مبدعات مصريات) ..انتقى العشرات من رموز الإبداع التشكيلي النسائي في مصر: تصويرا ونحتا وخزفا ؛ ممن ينتمين لاتجاهات شتى : واقعية وتجريدية وسيريالية وتعبيرية ورمزية ..إنهن الفنانات: أزميرالدا حداد ؛ أمل أبوزيد؛ إيفيلين عشم الله ؛ إيمان أنيس ؛ إيمان غانم؛ إيمان عزام؛ حنان سمير؛ حنان موسى ؛ داليا الشرقاوي؛ دعاء حاتم ؛ دينا الشوني ؛ دينا سعيد؛ زينات عبد الجواد؛ زينب سالم؛ سالي مبارك؛ سلوى رشدي؛ سهير عثمان؛ عطيات الجابري؛ هاجر سعيد ؛ هالة حزين؛ هناء القزاز؛ منى حسن؛ نيفين ناثان؛ وهاد سمير؛ ياسمين جامع؛ عزة إسماعيل؛ علية عبدالهادي؛ عواطف عبدالعال؛ غادة الزيات؛ ماجدة رمزي؛ منى أبوطبل؛ ميسون قطب؛ ناهد بابا؛ نجاة فاروق؛ نجوى العدوي؛ نهلة السعدني .. وقد بذلت الفنانة الدكتورة إيمان أنيس رئيس لجنة الفنون والمعارض والورش بأتيليه القاهرة ؛ جهودا مضنية لتقديم هذه النخبة من مبدعات مصر الراقيات ؛ بصورة تليق بمكانتهن.
فعالية أخرى
ومواكبة لهذا المعرض كانت هنالك فعالية أخرى لعدد كبير من فنانات مصر من شتى الأجيال والمذاهب الفنية ؛ بمشاركة الفنانات: أماني زهران ؛ أميرة فاضل؛ آية منعم؛ إيناس أحمد؛ ثريا حامد؛ رانيا رجب ؛ رانيا جاد؛ رشا نبيل؛ سحر السيد؛ صفاء عبدالقوي ؛ ضحى الشعار؛ عبير عادل؛ علا يوسف؛ غادة أبوسنة؛ فيروز سمير؛ مرام عبدالغني ؛ مروة عادل؛ مروة محمد سامي؛ مريم عبدالمنعم؛ منى عبداللطيف ؛ ميرفت السويفي؛ ميرفت الشاذلي؛ نجاح صدقي؛ ندى عبدالله ؛ نيرمين يسري؛ هالة نورالدين؛ هايدي فارس..
وقد توزعت اهتمامات زوار الأتيليه بين الفعاليتين الناجحتين ؛ ووجد كل زائر من الزوار نفسه في عمل ما من هذه الأعمال الموحية والمعبرة عن روح الوطن ؛ وأحلام البشر ؛ وأحيانا إحباطات الإنسان.. فإذا كان (الشعر ديوان العرب) فمن الممكن أن نقول إن الفن التشكيلي ديوان المصريين ..فحينما أتيحت الفرصة لهذه المواهب الفذة برز ما تحمل من ثراء فني وروحي عبرت عنه الفنانات..فمابالنا لو أن هذا التعبير جرى بمشاركة الفنانين الرجال كذلك ؟! .
بدون إملاءات !!
وراء هذين الحدثين المهمين ؛ الفنان أحمد الجنايني رئيس الأتيليه ..فقد طرح في مجلس الإدارة فكرة استضافة جمعية متفردة هي( جمعية بنت الأرض) ؛ ثم اقترح إقامة معرض تشكيلي مواكب لهذه الاستضافة ؛ مع ندوة تثقيفية تعرض تاريخ الجمعية وتوجهاتها وتطورها ؛ بحيث تقام الندوة تحت عباءة اللجنة الثقافية برئاسة إبراهيم السخاوي ؛ والمعرض يقام تحت عباءة د.إيمان أنيس رئيس لجنة الفنون والمعارض والورش..ثم تحول الأتيليه بعد هذه الجلسة إلى خلية نحل: من التنظيم والتجهيز والنقاش الإيجابي الذي كانت ثمرته هذا الإقبال الجماهيري .
وفي لقاء"بنت الأرض" استعرضت هالة إسماعيل رئيس الجمعية وثريا عبد الراضي وماجدة سيدهم ورحاب سامي وأمال جبل - عضوات مجلس الإدارة - بذور الفكرة منذ ثلاثين عاما ؛ وكن طالبات جامعيات ؛ ومحاولتهن خدمة المجتمع المحيط ؛ بمحافظة الدقهلية ؛ وخاصة من الفتيات بسائر الأعمار والاحتياجات ..ولكن الإشهار الرسمي للجمعية لم يتح للمؤسسات هؤلاء إلا عام ٢٠١٢ ..واتسعت دائرة خدمتهن للفتيات ورعاية مواهبهن لتشمل العشرات منهن ؛ بدون تبني أجندات مستوردة أو ممولة من منظمات أجنبية مشبوهة. فحمعية بنت الأرض تعبر فعلا عن هوية الوطن واحتياجات أبنائه ؛ بدون أية إملاءات خارجية.