كتبت :إيمان الدمرانى
مصر، هذه الأرض التي حملت التاريخ فوق كتفيها، ووقفت شامخةً كأهراماتها، لا تنحني رغم الأعاصير، ولا تنكسر مهما تعالت الأمواج. إنها قلب العروبة، إذا نبض انتعشت أوصال الأمة، وإذا اختنق سكتت العواصم عن الحياة.
لكن أن تكون قلبًا، فذلك يعني أن كل جرح يُوجَّه إليك أولاً، وكل سهمٍ يُرمى صوبك، وكل ثقلٍ يقع على صدرك قبل الجميع.
تواجه مصر في زماننا هذا سلسلة من التحديات، بعضها ظاهر للعيان، وبعضها كالأمواج الصامتة التي تتكسر في الأعماق دون أن نراها.
التحدي الاقتصادي: صبر شعب وإرادة دولة
لا يخفى على أحد أن الاقتصاد المصري يمر بمرحلة دقيقة، تقف فيها الدولة بين مطرقة التضخم وسندان الديون الخارجية.
ارتفاع الأسعار، تغير سعر الصرف، والضغط على المواطن البسيط… كلها تمثل وجعًا حقيقيًا لا يُخفى.
لكن ما يثير الإعجاب، هو صبر هذا الشعب الذي تعوّد أن يشد الحزام كلما اقتضت الضرورة، مؤمنًا أن الغد لا يأتي إلا بعد العتمة.
التحدي المائي: النيل بين الحقوق والمخاطر
نهر النيل… شريان مصر الأزلي، صار اليوم ملفًا سياسيًا معقدًا.
سد النهضة ليس فقط أزمة مياه، بل هو امتحان لصبر الجغرافيا وحنكة الدبلوماسية المصرية.
لكن مصر التي واجهت الغزاة وحفظت النهر آلاف السنين، لا تزال تثبت أنها قادرة على حماية حقوقها بالمفاوضات الحكيمة، والبدائل الذكية، والتخطيط البعيد.
التحدي الثقافي والفكري: معركة الوعي في زمن الفوضى
في عصر منصات التواصل والمعلومة السريعة، صار وعي الشعوب عرضة للتشويش.
تواجه مصر حربًا ناعمة على الهوية، محاولات مستمرة لزعزعة الثقة بين المواطن ومؤسساته.
لكن في المقابل، هناك صحوة فكرية، وجيل جديد من الشباب الواعين الذين يقرؤون ويفكرون ويناقشون… هؤلاء هم حُرّاس المستقبل.
التحدي الإقليمي: نار تشتعل على أطراف الخريطة
تعيش مصر في محيط إقليمي مضطرب: نزاعات في الجنوب، توترات في الشرق، اضطرابات في الغرب.
كل ذلك يفرض على الدولة أن توازن بين القوة والديبلوماسية، وأن تحمي حدودها دون أن تنزلق إلى حروب تستنزف طاقتها.
رغم كل شيء… تبقى مصر
رغم كل التحديات، تبقى مصر واقفة كالنخيل، تضرب جذورها في الأعماق، وتلوّح للغد بسعف الأمل.
هي لا تتحدث كثيرًا، لكنها تعمل.
لا تتفاخر، لكنها تصمد.
وفي صمتها، تتشكّل معركة البقاء.
وفي وجدانها، تبقى الأمة كلها متعلقة بنداء واحد: "إذا كانت مصر بخير فنحن جميعا بخير.
