JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
recent
عاجل
الصفحة الرئيسية

المجلات الإلكترونية العربية ...

 

بقلم : معز ماني

حين يتحول النشر إلى مرآة للفراغ :
في البدء، بدا الأمر واعدا،فضاأت إلكترونية جديدة، حرية نشر غير مسبوقة، وسهولة الوصول إلى جمهور عربي واسع.
كانت المجلات الإلكترونية العربية، على اختلاف مشاربها، بمثابة الحلم الجميل الذي جاء ليكسر احتكار الورق، ويفتح نوافذ للنصوص المهمشة، والأقلام المنسية ،لكن الحلم، كعادة الأحلام في أرضنا، لم يكتمل.
ما نشهده اليوم من طفرة في عدد المجلات الإلكترونية العربية، لا يقابله تطور نوعي في المضمون، ولا يشير إلى نهضة فكرية أو أدبية مرتقبة، بل يكشف أزمة أعمق .نحن نفرط في التوزيع، لأننا عاجزون عن القراءة.
من يقرأ أصلا ؟ :
ما جدوى أن تنتشر المجلات كالفطر، في بيئة تتراجع فيها معدلات القراءة يوما بعد يوم ؟ .
كيف نقنع أنفسنا أن ثورة النشر الإلكتروني تمثل إضافة، ونحن نعلم يقينا أن القارئ العربي ، في غالبه ، عزف عن القراءة الجادة، واكتفى بالمرئي والموجز والانفعالي ؟ .
النتيجة الطبيعية لهذا الواقع هي أن كثيرا من هذه المجلات باتت تخاطب جمهورا لا يقرأ أصلا، أو يقرأ بنصف وعي، أو يكتفي بالعناوين، فيرضى بما يلمع لا بما ينفع.
التكريم بدل التقييم :
ما يزيد المشهد هشاشة، أن غالبية المجلات الإلكترونية لا تكتفي بنشر ما يكتب، بل تمعن في توزيع الألقاب والتكريمات بلا معايير واضحة :
نصوص ساذجة تمنح "وسام الإبداع" .
أقلام مبتدئة تلقب بـ"شعراء الأمة".
ومشاركات إنشائية تقدم كـ"فتح نقدي جديد" .
هذا التهافت على تكريم الرداءة لا ينتج حركة أدبية، بل يكرس عشوائية ثقافية لا تقل خطرا عن الجهل.
فالتكريم حين يعطى مجاملة أو مجازا ، يفقد معناه، ويصبح هدية مجاملاتية لا قيمة فنية لها.
حين تصنع الذائقة على يد الرداءة :
حين تتكرر نصوص ضعيفة، ويتكرر الاحتفاء بها، تتشكل ذائقة منحرفة، تظن أن هذا هو الأدب، وأن هذه هي القصة أو القصيدة أو المقال، ثم تنشأ أجيال لا تعرف الفرق بين جودة أصيلة وجودة مدعاة .
إننا بصدد مجتمعات تحتفل بسطحها، وتقصي أعماقها.وفي عالم المجلات الإلكترونية، للأسف، غالبا ما يكون من يكتب عن العيون، أهم ممن يكتب جيدا عن قضايا الأمة .
الحل ليس بإغلاق المجلات، بل بفتح العيون :
لا ندعو هنا إلى إيقاف هذه المجلات، بل إلى إعادة النظر فيها،وأن تدار برؤى تحريرية حقيقية، لا بـ"لجان أصدقاء".
أن تكون لديها لجان تقييم أدبي محترف، لا غرف مجاملة، وأن تقر بأن النشر ليس وسيلة للمحاباة، بل مسؤولية ثقافية،وأن تفهم أخيرا، أن المجلة التي لا تربي القارئ، تخدره .
هل نحن نكرم الأدب، أم نجمل الغياب ؟ :
إن المجلات الإلكترونية العربية في حالتها السائدة ، ليست احتفاء بالأدب، بل هروب جماعي من مسؤوليته.
ولن تنفعنا ألف "عضوية شرفية"، إن كنا نكرم النصوص الخطأ، ونمر مرور الكرام على ما يستحق أن يخلد.
الكتابة ليست مهرجانا، والنشر ليس سيركا.إذا لم تشتد معاييرنا في النشر والتكريم، فإن كل مجد إلكتروني مصيره النسيان،فليس كل من يملك موقعا، يملك مشروعا،وليس كل من يكتب، جدير بأن يقرأ.
المجلات الإلكترونية العربية ...

عبدالعظيم زاهر

تعليقات
    ليست هناك تعليقات
    إرسال تعليق
      الاسمبريد إلكترونيرسالة