JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
recent
عاجل
Home

المتسلّقون... أصداءُ الفراغ

 

كتبت :ايمان الدمرانى
ما أكثر الذين يتسلقون، وما أندر الذين يصعدون!
في كل دربٍ تنبت فيه زهرةُ كفاح، يظهر ظلٌ مريب، لا يحمل عطرًا، بل يحمل خنجرًا مغلّفًا بالمديح.
المتسلّقون ليسوا من أهل الهمة، بل من أبناء الفراغ، يعلّقون طموحهم على حبال الآخرين، ويتدلّون كالأوراق اليابسة فوق شجرة لا يعرفون لها جذرًا.
قال الشاعر نزار قباني في وصف هذه النماذج:
هؤلاءِ...
يصعدونَ على أكتافنَا كالدُّمى،
ويضحكونَ في وجوهِنَا،
وفي قلوبِهِم خناجر.
المتسلّق لا يعرف طعم الصعود الحقيقي، لأنه لم يذق مرارة التدرّج، ولا لذّة الإنجاز.
هو لا يملك قلبًا ينبض بالحلم، بل يملك وجهاً يتلوّن كلما لاح له منصب أو مدح أو ضوء.
يشبه المتسلّق نبات اللبلاب، يلتفّ على الأشجار، لا لينمو معها، بل ليخنقها.
يمدّ أوراقه الكثيفة، حتى لا يرى الناس الجذر الحقيقي،
فيحسبونه هو الأصل، وهو في الحقيقة طفيليٌّ، لا يورق من ذاته، بل يسرق ماء الحياة من غيره.
قال محمود درويش:
كم كنتَ تزهو حين تُلقي ظلّك الواهي علينا،
ظننتَ أنّ الضوء منك...
وما علمتَ بأننا كُنّا النور، وأنتَ الوهم.
وفي دواخله خواء، يملؤه بصدى الكلمات المنمّقة، والضحكات التي تُخبّئ السُمّ في عسلها،
يُقبّل اليد التي تمنحه سلّمًا، ثم لا يلبث أن يدفع بها إلى الخلف متى بلغ الغاية.
هكذا هو... لا يُجيد سوى التمثيل، ولا يُتقن سوى القفز فوق القيم.
قال الشاعر أدونيس:
يُمجّدون القمّة...
لكنهم لا ينظرون في صخورها،
كيف تشقّت،
ولا في أقدام من نزفوا ليصلوا إليها.
لكنّ للكون سننًا لا تحيد،
وللحق شمسًا لا تُغطّى بغيمة رياء،
فالسماء لا تبارك الصعود المزيّف،
والمكان العالي لا يُقيم طويلًا من ارتفع عليه بلا ثقل الروح ولا تعب اليد.
فيا من ظنّ أن المجد يُنال بتملّق،
وأن القمم تُبلغ بالنفاق،
اعلم أن الأرض ترفض ما ليس من تربتها،
وأن السقوط من أعلى، أشدُّ وجعًا لمن لم يبنِ سلّمه على الصدق
المتسلّقون... أصداءُ الفراغ

عبدالعظيم زاهر

Comments
    No comments
    Post a Comment
      NameEmailMessage