يا وطني
********
قد باتَ يهـربُ من دمي شــــرياني
يا لوعةَ الغُرباءِ في الأحـزانِ !
أبتاهُ صوتُكَ ما يزالُ بِمسمَعي،
يحـكي، ويبـكي، في هوى الأوطان
ونَشــيجُ أمِّي جاءَ في وَسَطِ الدُّجى،
حتَّى يُحـذِّرَ مِن لـظى العُدوان
كنَّا صِغاراً، لا نقدِّرُ ما جرى،
نجري مَعَ الألعـابِ في البستـان
نشتـاقُ إنْ طلع الصَّـباحُ ببيتِنا
أنْ نُطفِئَ الأضواءَ للجيران
ونزفَّ نوراً للنَّهارِ إلى المدى،
ونصبِّحَ الدُّنيا، معَ الخِلَّان
ويطيرَ سربٌ للفـراشِ بأرضِـنا،
ونظلَّ نحـرُسُهُ على الأغصان
أشجارُ زيتونٍ بظلٍّ وارِفٍ،
تدعوكَ، تحت الظِّلِّ في تحنان
أوَّاهُ من زمَنٍ يُدمِّرُ ما مضى !
أوَّاهُ من أسري، ومِنْ أشجــاني !
أنا لستُ أدري كيف أرجعُ موطني،
والدَّارُ زَفُّوها إلى الشَّيطان !
وقضيت عــمري غربةً، لا تنتهي،
وحَبَست صوتي عن مَقالِ لِساني
يا قدسُ : أنتِ العِشْقُ، أنتِ صبابَتي،
والبُعدُ عندي قمَّةُ الأحـزان
سَرَقَ اليهودُ جميعَ مُمْتَلَكاتِنا،
سَرقوا مَناسِكَنا، معَ الأعوان
نهبوا بلادَ الاكرمينَ وما بها،
إنَّا هنا في غربةٍ، ونُعاني
حَرقُوا كُروماً، نحتمي بِظِلالِها،
قَذَفوا بزيتوني إلى النِّيران
مَـدُّوا أياديهم، لِتَحـرقَ رزقَنا،
فالقتلُ مُنتَقِمٌ مِنَ الإحســان
قتلوا العَذارى، والشَّبابَ، وحُلْمَهُمْ،
ونَسوا انتقامَ الواحِدِ الدَّيَّان
أشكو إلى اللهِ العظيمِ مَواجِعي،
أشكو العداوةَ في بني الإنسان ...
هُتاف عريقات
( ك)
